هل تجوز الصلاة على من لم يسدد الدين؟ ما حكم المماطلة في سداد الديون؟ وكثيراً ما يلجأ الناس إلى الاستدانة لسد احتياجاتهم، ولا يتمكنون من سدادها لاحقاً، مما يلحق الضرر بالدائن، فهو من حقه. وتختلف حالات عدم سداد الديون ولكل منها حكمها الخاص. كما يضطر بعض الناس إلى الدعاء للمدين عند شعوره بالعجز دون أن يعلم حكم الدعاء، لذا تجدر الإشارة إلى حكمه خلال موقعنا.
الدعاء لمن لم يسدد الدين
الدين الإسلامي يحذر من الديون؛ ورغم أنه أمر مشروع إلا أنه يترتب عليه مخاطر كثيرة… ستجد أن بعض الناس لا يدركون خطورة الاقتراض من الآخرين وعدم سداده وعقوبة ذلك في الدنيا والآخرة. عدم أداء الدين يمنع صاحبه من دخول الجنة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من كان عنده مظلمة لأخيه في عرض أو شيء، فليتبرأ منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم. فإن كان له حسنة أخذ منه بقدر خطيئته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه». فتظل الروح معلقة في الآخرة حتى يتم سداد دينها، ولكن هل يمكن الدعاء لمن لم يسدد الدين؟
يلجأ بعض الأشخاص الذين فقدوا حياتهم إلى الصلاة لمن لم يسددوا الدين. وما حكم ذلك في الإسلام؟ والدعاء للظالم جائز شرعا، والأفضل العفو عنه والدعاء له بإصلاح حاله والهداية. قال الله تعالى: “ومن ينتصر من بعد ظلمه فأولئك فليس عليهم سبيل” ولهم عذاب أليم. * فمن صبر وغفر فإن ذلك لمن عزم الأمور.
فإن الدعاء على من لم يسدد الدين لا يجوز إلا في حالة تأخير الظلم مع قدرة الطرف الآخر على سداد الدين، والدعاء يكون على قدر الظلم لا أقل ولا أكثر. وجاء في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – صلى. صلى الله عليه وسلم – قال: “واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».
حكم تأخير سداد الدين
رد الديون من كبائر الذنوب، فهو حق للعباد، وموجب لمغفرتهم. قال تعالى: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» (النساء، الآية: 58). وتأخير سداد الدين من الأمور المحرمة شرعا. ما هي ظروف التأخر في سداد الدين؟
هناك حالات كثيرة للمتأخرين في سداد الدين، بين القادر على السداد ولكنه غير قادر على السداد، وبين المعسر. وتكون أحكام الحالات السابقة كما يلي:
- ويأثم المسلم إذا كان قادرا على سداد الدين ولم يفعل، فيتأخر عن سداد دينه. وها هو تحت حكم ظالم انتهك حقوق الآخرين. وقد جاء في حديث أبي عمرو بن الشريد عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «من وجدها فلي أحل عرضه وعقوبته». والحديث يدل على أن المماطلة في سداد الديون تؤدي إلى العقوبة.
- أما إذا كان المسلم معسراً وغير قادر على سداد الدين فلا يأثم حينئذ، وإذا كان قادراً على سداده فعليه قضاؤه.
- إذا مات المدين ونوى سداد ديونه أثناء حياته، يؤديها الله تعالى عنه، بشرط أن يكون المدين صادقا في نيته، وأن يكون صدق النية مرتبطا بالعمل والاجتهاد، بحيث فيتخذ العبد وسائل كسب المال لقضاء ديونه.
خطورة الدين على المسلم
يعتبر الدين من أكثر الأمور التي يجب على المسلم أن يتجنبها لما له من آثار سيئة على حياته وآخرته. وقد ورد التحذير منها كثيرا في السنة وأقوال الصحابة، وتم التأكيد عليها كثيرا لما يترتب عليها من الإثم الكبير والعاقبة الوخيمة في الآخرة. ولا يكفي المسلم أن يعمل ويعبد ما دام حديثا عن حقوق العباد.
وفي كثير من الأحاديث المنقولة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تهديد وتوبيخ على من فرط في حقوق الآخرين.
إن أعظم الذنوب التي تثقل كاهل المسلم وتتسبب في هلاكه هي الديون الباقية، التي تبقى في دينه، ولا يكفر عنها إلا بالعفو عن صاحبها. وقد جاء في الحديث: وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال. فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت لو قتلت في سبيل الله يكفر عني خطاياي؟ ثم قال رسول الله:
نعم، إذا قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله يكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، وتصبر وتحتسب، تتقدم ولا تتراجع إلا عن الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك..
وكان الرسول يتعوذ من الدين مما يدل على خطورته والعثرات التي يقع فيها المدين فقال: “اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، والعجز، والكسل، والبخل، والجبن، وضلع الدين، وقهر الرجال”.
وقضاء الدين عن غيره يعتبر له فضل وأجر لأنه يفك كرب المسلم، كما روي عن عبد الله بن أبي قتادة.“سأل أبو قتادة وكان له دين، فاختبأ منه، ثم لقيه، فقال: إني في ضيق، فقال: والله؟ قال الله تعالى؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رضي لينقذه الله من كرب يوم القيامة، فليخفف عن معسر، أو ليغفر له».
الديون من الأمور الشرعية التي يجب على المسلم أن يتحرى عنها قبل اللجوء إليها، لما في ذلك من أحكام.