هل حساب التوفير حرام ولو كان حرام فماذا عن البنوك الإسلامية؟!

هل حساب التوفير محرم في الدين الإسلامي، وما حكم إيداع الأموال في البنوك الربوية والحسابات بأنواعها؟ وهذا ما سنناقشه في موضوعنا على موقعنا.

هل حساب التوفير حرام؟

قبل أن نتعرف على إجابة الفقهاء على سؤال: هل حساب التوفير حرام، لا بد لنا أولا أن نسأل أهل العلم في هذا المجال عن ما هو حساب التوفير؟

حساب التوفير ببساطة هو: أن يقوم المودع بوضع أمواله في حساب في البنك، على أن تزيد الأموال بفائدة دورية بنسبة ثابتة على رأس المال، وتضاف الفائدة حسب نوع الحساب الجاري كل ثلاثة أشهر ، كل ستة أشهر، أو سنويا، وقد ناقشنا الفرق بينه وبين الحساب. إلى جاري في الموضوع: ما الفرق بين الحساب الجاري وحساب التوفير؟

وأما حكم الفائدة فقد أجمع الفقهاء على أن هذه الفائدة التي تزيد على رأس المال في حساب التوفير هي ربا.

الربا في اللغة العربية يعني الزيادة، وفي الشريعة الإسلامية هو نوعان.

أنواع الربا

وقد شرح العلماء الربا، ووصفوه، وصنفوه في بابين. الأول…

زيادة الربا

هي زيادة نوع واحد من المال على نوع واحد، وهذا محرم في الدين الإسلامي عند اجتماع الفقهاء الأربعة، كما دل عليه الحديث الصحيح الذي رواه عباد بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم. ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“بيعوا الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، سواء بسواء مثلاً بمثل. ومن زاد أو زاد فقد أكسب الربا. فإذا اختلفت هذه الأنواع فبيعوها يدا بيد كيف شئتم. لا حرج في ذلك. الذهب بالفضة يداً بيد. بيدٍ إن شئت، والحنطة بالشعير يدًا بيدٍ إن شئت، والملح مع التمر يدًا بيدٍ كيف شئت». (السنن الكبرى للبيهقي 5/282)

ومعنى الحديث أنه لا يجوز استبدال شيء بشيء آخر من نفس النوع مع الزيادة لأحد الطرفين. فمثلا تذهب امرأة إلى محل ذهب وتعطيه مصوغات ذهبية قديمة وتأخذ مقابلها مصوغات جديدة بنفس الوزن (نفس عدد الجرامات) وتدفع لبائع الذهب فرق المبلغ من المال).

ويصح أيضاً بيع الشيء من نوعه ولكن مع زيادة في المستقبل. على سبيل المثال، أبيع 10 جرامات من الذهب، ولكن بعد عام آخذ منهم 11 جرامًا من الذهب.

ربا الائتمان

وربا الفضل، ويسمى أيضاً ربا النسيئة، هو تبادل الشيء المماثل وزيادة دينار واحد بدينارين مثلاً.

ربنا النسيئة هي أن يقرض الرجل شيئا على أن يرده بعد مدة معينة مع زيادة. فمثلاً رجل يقرض أخاه دينارين على أن يرد لهم بعد سنة ثلاثة دنانير. وهذا النوع محرم أيضاً لقوله صلى الله عليه وسلم:

«لا ربا إلا في النسائي». (صحيح النسائي 4594)

حكم الربا

وحكم الربا عموماً حرام مطلقاً للأدلة الواردة فيه، مثل قوله تعالى:

“يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين” (278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله. فإذا تبت يكون لك رأس مالك. لا تظلمون ولا تظلمون. (279)” (البقرة)

قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا مُضَاعَفًا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ» (آل عمران: 13). 0-131)

وأيضاً قال الله تعالى في سورة البقرة:

«إن الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان. ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا. وأحل الله البيع وحرم الربا. فمن جاءه موعظة من ربه فاجتنبها فله ما قدم من قبل، وأمره إلى الله. ومن عاد فهو أصح. أبا الجحيم هم فيها خالدون (275)

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتوبة يوم مارس، وقذف المحصنات. في الغافلات من النساء.” (صحيح البخاري 6857)

وقد ذكر أكل الربا من الذنوب التي تدخل صاحبه النار. وهذه خطايا مهلكة كما فسرها أهل الحديث.

وهذه النصوص الصحيحة اعتمد عليها الفقهاء الأربعة الذين حرّموا الربا.

ومن أقوال السلف في الربا ما قاله ابن عبد البر: «كل زيادة في سلفة أو منفعة ينتفع بها المُقرض فهي ربا، ولو كان قبضة من علف، وذلك حرام إذا كان ربا». على شرط.”

الربا يفسد المجتمع بأكمله

بل إن الربا يتعدى حكمه إلى من يتعامل به ومن يستفيد منه ليشمل كل من يشترك في ذلك الإثم العظيم. عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:

«لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله، وشاهديه، وكاتبه». (سنن الترمذي 1206)

وفي هذا الحديث يخبرنا عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ومتعامل به، واللعنة هنا الإعراض عن رحمة الله عز وجل.

والموكل، أي الموكل بأخذ الربا، بل وأخذه منه مباشرة. وفي رواية أخرى للحديث، ورد أيضاً في (سنن الترمذي 1206) وفي (مسند الإمام أحمد 5/ 278) نص الحديث: «رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». “لعن آكل الربا وموكله والشاهدين والكاتب”.

أي أن شهادة البيعة الربوية أو القرض الربوي تخضع أيضاً لحكم اللعن (بعيداً عن رحمة الله)، كما هو الحال مع الكاتب الذي يكتب البيعة ويسجلها لهم. والمراد تحريم الربا والرضا به ولو لم تنتفع به.

وذلك لأن الربا ينطوي على ظلم كبير للناس، خاصة مع الديون المتراكمة التي تسبب أكبر تعطيل للنظام المالي في أي مجتمع يوجد فيه. وبسبب ذلك، يتم إزالة الماس من التجارة، وتصبح القوى العاملة عاطلة عن العمل، ويصبح الأغنياء أكثر ثراء، ويصبح الفقراء أكثر فقرا.

هل هو حساب توفير بنكي؟ مُحرَّم

وبعد أن عرفنا ما هو حساب التوفير، وما هو الربا، وما حكمه في الإسلام، وما الدليل على حكمه، نعود إلى السؤال: هل حساب التوفير حرام؟

ويرى الفقهاء مما سبق أن الفائدة التي تزيد على رأس المال في البنوك هي فوائد ربوية لأن صاحب المال يقرض البنك ماله، وكلما طالت المدة التي يحتفظ فيها البنك بالمال، يعطي صاحب المال فائدة ثابتة. ويزيد في رأس ماله، بغض النظر عما إذا كسب المال أكثر أو أقل أم لا. خسر، وهذا الربا المحرم، أي أن المال يرجع من المال المودع في حساب التوفير.

كما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للأزهر الشريف: أن إيداع الأموال في البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز، ولو لم تكن عليه فوائد، لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى أعلم. قال:

والتعاون على الإثم والعدوان. أوه.

ولو وضعت مالاً في بنك يعطي فوائد ربوية فهذا حرام لأنه تعاون على الإثم. كما أن البنك يأخذ هذه الأموال ويعطي للناس قروضاً ربوية، وهذه القروض محرمة أيضاً.

حساب التوفير في البنوك الإسلامية

وبعد أن ناقشنا إجابة الفقهاء على سؤال: هل حساب التوفير حرام، فماذا عن البنوك الإسلامية؟

هناك العديد من البنوك الإسلامية ذات السياسات المختلفة، وكل بنك يدعي أن لديه لجنة فتوى تشهد – والله أعلم – على أسرار الأمور، وهناك العديد من البنوك المعتمدة من المشايخ بحسن السيرة والسلوك، وبناء على ذلك ولهذا لا يمكن أبداً التأكد من أن بنكاً معيناً هو حلال.

لكن الفقهاء وضعوا شروطا لإقراض المال للآخر مع أخذ نسبة من ربح هذا المال، وهذا جائز؛ لأنه يدخل في ما يسمى بالمضاربة. قال ابن قدامة في كتابه “المغني من خزائن فقه الحنابلة” (3646):

«اثنان يتقاسمان مال أحدهما». وذلك أن يأتي المال من أحدهما، ويأتي العمل من كليهما، كما لو أن أحدهما يخرج ألفاً، فيعملان فيه معاً، ويكون الربح بينهما. هذا جائز. رواه أحمد في رواية أبي الحارث . وهو تخميني؛ لأن من ليس صاحب المال يستحق الربح المقرر له بالعمل في مال غيره، وهذا هو واقع المضاربة».

شروط المضاربة الحلال كما نص عليها الفقهاء

  • يستخدمه البنك الذي يأخذ رأس المال في التجارة أو البناء أو غيرها من الأعمال المشروعة.
  • ويجب تقاسم نسبة الربح من المال حسب الاتفاق – الربع أو النصف أو الثلث (أي نسبة يتفقون عليها) – من الربح في تاريخ التوزيع.
  • أن رأس المال لا يخصص لصاحبه خصيصاً، فكما يتحمل الربح يتحمل الخسائر بنفس النسبة إلا إذا كانت الخسارة بسبب الإهمال…
‫0 تعليق

اترك تعليقاً