وتدل علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الأخرى على أهمية علم الاقتصاد، فهو يهتم بالسلوك الإنساني الاقتصادي. ولا يمكن إلا أن نأخذ في الاعتبار الظواهر الاجتماعية التي تؤثر على هذا السلوك. لا يمكن دراسة المشكلة الاقتصادية بمعزل عن العوامل المؤثرة فيها. لذلك سنشرح من خلال موقعنا ما هو العلم. الاقتصاد من خلال دراسة علاقة الاقتصاد بالعلوم الاجتماعية الأخرى.
محتويات المقالة
علاقة الاقتصاد بالعلوم الأخرى
أصبحت هناك ضرورة قصوى في العالم المعاصر تتطلب الإلمام بالسياسات الاقتصادية وفهمها المناسب، حيث أصبحت القضايا الاقتصادية مجال اهتمام في شؤون الحياة اليومية.
كما أصبحت التفاعلات الاقتصادية مؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر على الحياة السياسية والاجتماعية بشكل عام. وذلك نتيجة لتزايد الاحتياجات بالإضافة إلى تقاطع المصالح وغيرها من الأمور.
يهتم علم الاقتصاد بدراسة الثروة والدخل كما يقول البعض. وهو أيضًا العلم الذي يهتم بتحسين الحياة المادية وأحوالها، وعلم الاقتصاد يهتم بكيفية إشباع احتياجات الإنسان من خلال استخدام الموارد في المجتمع.
كانت هذه هي التعريفات المختلفة للاقتصاد، وفي الواقع من الصعب أن يكون هناك تعريف دقيق يشمل كل ما يعنيه علم الاقتصاد، حيث أن أهدافه متعددة، لذا تتضمن تلك التعريفات الوصول إلى الأدوات التحليلية التي من شأنها أن تساعد في تفسير سلوك الإنتاج والاستهلاك بشكل منطقي.
تتجلى العلاقة بين الاقتصاد والعلوم الاجتماعية في تطور العلوم الاجتماعية بناءً على مساهمات الاقتصاد. وفي المجالات المتعلقة بسلوك المستهلك تتجلى مساهمات علم النفس، وفي مجال توزيع الدخل تثبت العلاقة بين علم الاجتماع وعلم النفس، على أن تثبت التطورات الاقتصادية العلاقة بين الاقتصاد والتاريخ.
كما يبدو أن للجغرافيا تأثير واضح على دراسة الموارد الاقتصادية وتوزيع الموارد حسب المنطقة، ومن خلال استخدام النماذج الرياضية تتضح علاقة الاقتصاد بالرياضيات.
ولا تخلو منهجية الاقتصاد من معرفة الحزم الحاسوبية ودورها في البحث الاقتصادي. أما علاقة الاقتصاد بالفيزياء فتتجلى في فكرة استخدام الاقتصاد في مسائل التوازن والمرونة الاقتصادية وعامل الكفاءة وغير ذلك.
علاقة الاقتصاد بعلم الاجتماع
كما أشرنا إلى أن الاقتصاد فرع من فروع العلوم الاجتماعية، فهو جزء لا يتجزأ من الظواهر الاجتماعية، تلك الظواهر الاقتصادية التي تحكم الحياة الاقتصادية وتهتم بكافة شؤونها، حيث تهدف الدراسات الاقتصادية إلى زيادة النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية.
تتأثر العملية الاقتصادية بالحياة الاجتماعية، حيث ذهب علماء الاجتماع مثل باريتو إلى تفسير التغيير الاقتصادي باعتباره جزءا لا يتجزأ من التغيير الاجتماعي، حيث تكون المواد الاقتصادية جزءا من خطة تحقيق الرفاه الاقتصادي الذي هو جزء من الرفاه الاجتماعي .
وفي الوقت نفسه، تؤثر القوى الاقتصادية المختلفة على طبيعة الحياة الاجتماعية، وتؤثر البيئة الاجتماعية بشكل كبير على العمليات الاقتصادية.
يرتبط الاقتصاد بعلم الاجتماع في جوانب متعددة، فدراسة الاقتصاد وحده تكون مضللة دون ربطها بالدراسات الاجتماعية، كما أن دراسة علم الاجتماع لا فائدة منها دون الفهم الصحيح لتفاعلات القوى الاقتصادية.
من الممكن علاج المشاكل الاقتصادية مثل مشاكل التضخم أو البطالة من خلال النظر في حدوث الظاهرة الاجتماعية في وقت محدد. كما يرتبط النظام الاجتماعي بالنظام الاقتصادي، وتصنف مشاكل النمو السكاني والتلوث البيئي على أنها اقتصادية وذات طبيعة اجتماعية أيضاً.
لا يمكن لعلم الاجتماع أن يدرس ظاهرة الجريمة دون فهم العوامل الاقتصادية المؤثرة في حدوث الجريمة، فيمكن دراسة المجتمع من خلال مؤسساته الاقتصادية.
اضافة الى فكرة العدالة الاجتماعية التي توضح العلاقة بين العلمين حيث تتحقق من خلال العمل على العدالة في توزيع الدخل والثروة مما يقع على عاتق الدراسات الاقتصادية من خلال السياسات الضريبية التصاعدية بشكل خاص وكذلك الإعانات الحكومية وما إلى ذلك.
وكل هذه السياسات الاقتصادية تتطلب معرفة التعداد السكاني وتركيبته، وما هي العادات والتقاليد التي تؤثر على طبقات المجتمع، وحالات الفقر والبطالة.
وهي حالات اجتماعية ناتجة عن خلل في السياسات الاقتصادية، فالأمر كله يرجع إلى علاقة الظواهر ببعضها البعض بشكل لا يمكن فصله، وهذه كانت العلاقة بين الاقتصاد والعلوم الأخرى مثل علم الاجتماع.
علاقة الاقتصاد بالعلوم السياسية
وفيما يتعلق بعلاقة الاقتصاد بالعلوم الأخرى، فلا شك أن هناك علاقة واضحة بين الظواهر الاقتصادية والظواهر السياسية. يحدد الاقتصاد الاتجاهات السياسية لصناع القرار. وكذلك الأوضاع الاقتصادية تؤثر على الحياة السياسية، والسياسة تعمل على اتباع سياسات اقتصادية معينة دون غيرها.
العلاقة بين الاقتصاد والعلوم السياسية قديمة قدم علم الاقتصاد، إذ يقول البعض إن الاقتصاد بدأ كاقتصاد سياسي، لكن الضرورة في تطور المعرفة اقتضت أن يتم تسهيل التحليل بجعل الاقتصاد علمًا منفصلاً عن السياسة.
لكن بقي علم الاقتصاد مؤثرا ومتأثرا بالعلوم السياسية، فهو دراسة الأفراد وعلاقاتهم وطرق تطوير معيشتهم. وكل هذا أصبح مسؤولية الاقتصاد ومصالحه. وبالمثل، يتأثر الاقتصاد بشكل كبير بالمتغيرات السياسية.
وأي نظام اقتصادي يعمل في الظروف السياسية يتأثر به بالضرورة، ويؤثر فيه إلى حد كبير. ولذلك فإن صناع القرار السياسي يأخذون بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية السائدة التي تؤثر على القرارات السياسية.
وغني عن القول أن هناك ثورات حدثت نتيجة ظروف اقتصادية أو نتيجة دوافع اقتصادية وليست سياسية، مثل الثورات الاستياء من الظلم في توزيع الدخل وغيرها، لذا فإن الإدارة السياسية في بلد ما متأثرة بالوضع الاقتصادي فيها.
إلا أن الاقتصاد أصبح أحد أهم ركائز السلطة في الحياة السياسية، وله أثر كبير في تحديد مكانة الدولة على المستويين الإقليمي والعالمي. كلما وصلت الدولة إلى ذروة التقدم كلما زاد اهتمامها بالنشاط الاقتصادي، وتعتمد الحياة الاقتصادية على الاستقرار السياسي ونجاح السياسات الحكومية.
علاقة الاقتصاد بالتاريخ
وتتضح علاقة الاقتصاد بالعلوم الأخرى في علاقته بعلم التاريخ، وهو العلم الذي يهتم بالظواهر التاريخية التي نصفها ونرويها بالتفصيل. ونجد أن جزءا منها يشمل ما يتعلق بالاقتصاد، مثل تاريخ الحقائق الاقتصادية عبر الزمن.
بالإضافة إلى ذلك، يمكننا من خلال الظواهر التاريخية السابقة استخلاص تجارب تمكننا من فهم واستيعاب ومن ثم تفسير الظواهر الاقتصادية التي تواجهنا في الوقت الحاضر، ومن ثم القدرة على التنبؤ بشأنها بما قد يحدث في المستقبل.
على سبيل المثال، إذا أردنا معرفة مدى احتمالية حدوث ركود أو طفرة اقتصادية في دولة معينة في فترة معينة، فيمكننا الاعتماد على تلك المؤشرات التي تسبق الظاهرة بفترة كافية حتى يتمكن متخذ القرار من التغيير السياسة الاقتصادية المتبعة، لتجنب حدوث الركود قدر الإمكان، ومن ثم الانتقال إلى أسباب الشعبية.
تتناول الدراسات الاقتصادية المجتمع الذي لا يخضع للتجارب لمعرفة الآثار الناتجة عن تطبيق سياسة اقتصادية معينة دون أخرى. ولذلك تتضح أهمية اللجوء إلى الدراسات التاريخية لنحصل منها على آثار التجارب الكافية لتطوير الأحداث الاقتصادية.
كما نجد أن دراسة التاريخ تفيد في معرفة الظروف المحيطة بالعملية الاقتصادية لضمان نجاحها، كالتغيرات الاجتماعية التي تحدث باستمرار، والنظام السياسي المؤثر، وأيضاً الأحداث الدولية التي تجري في إطار الأحداث الاقتصادية.
العلاقة بين الاقتصاد والإحصاء والرياضيات
كثيرا ما نجد أن الظواهر الاقتصادية يمكن تتبعها من خلال صورة رقمية، لأن تلك الصورة توفر درجة من الدقة والوضوح تمكن من معرفتها حقا، ولا تحتمل التخمين أو النسبية.
لذلك، وفيما يتعلق بالعلاقة بين الاقتصاد والإحصاء، نجد أنه يصعب على الباحث الاقتصادي أو متخذ القرار الاقتصادي دراسة الظواهر الاقتصادية دون الاستعانة بالبيانات والإحصائيات الرقمية.
وبما أن هذه الإحصائيات تعتمد على تحليل الظواهر الاقتصادية بشكل رقمي فإنها تسهل على متخذ القرار معرفة حقيقتها، على أن يعرضها بشكل مبسط من أجل توضيح العلاقة بينها وبين الظواهر الأخرى.
كما يسمح استخدام الرياضيات للسياسات الاقتصادية بالتعامل مع المتغيرات،…