شرح قصيدة غريب على الخليج توجيهي

شرح قصيدة غريب على الخليج التوجيهي. وهي قصيدة جميلة تعود للشاعر العراقي بدر شاكر السياب حيث أضاف للعربية أناقة لن تنساها أبدا. وكان له الدور الأبرز في تأسيس مدرسة الشعر الحر، وكسر القواعد التي تجذرت ورسخت حول الصورة النمطية التي يجب أن تتحلى بها القصيدة العربية حتى تكون مقبولة. يستحق القراءة والاستمتاع، أثبت شاعرنا في شعره للجميع أنه لا قيود على المشاعر والأحاسيس في التعبير عنها. الشعور الصادق يتغلب دائمًا على كل شيء، فهو يكسر القاعدة. سر الكتابة في الوحي، وليس في أسلوب معين يفرضه شخص ما.

كلمات كاملة لقصيدة غريب على الخليج

الريح تلهث مع الهجرة كالجثة، في الظهيرة

وعلى الجذور، يستمر في الطي أو الانتشار للرحيل

وكان الخليج مزدحماً بهم كادحين داخل أبو بحر

من كل لحاف نصف عاري

وعلى الرمال، على الخليج

جلس الغريب ينظر إلى الخليج الحائر

وهي تهدئ أعمدة النور تنهداتها المتصاعدة

أعلى من صوت البواب الذي يهدر زبده وضجيجه.»

صوت انفجر في أعماق روحي المكلومة: العراق

مثل المد المرتفع، مثل السحابة، مثل الدموع في العيون

الريح تصرخ في وجهي يا عراق

والأمواج تدعم العراق، العراق، لا شيء غير العراق

البحر واسع بقدر الإمكان، وأنت بعيد قدر الإمكان

والبحر بدونك يا عراق

بالأمس عندما مررت على المقهى سمعتك يا عراق

وكنت لاعب اسطوانات

إنها دورة الأجرام السماوية في حياتي، وهي التي تشكل وقتها بالنسبة لي

في لحظتين أمان حتى لو فقدت مكانه

هي وجه أمي في الظلام

وصوتها ينزلق بالرؤى حتى أنام

وهي النخل الذي أخافه أكثر إذا أريته عند غروب الشمس

وهي مكتظة بالأشباح التي تخطف كل طفل لا يعود إلى الوراء

من الطرق

إنها امرأة عجوز لا تفقد حزامها

كيف فتح له القبر أمام عفراء الجميلة

فاحتفظ بها…ما عدا الضفيرة

زهراء هل تتذكرين؟

فرننا المتوهج تزدحم به أكف من يستخدمه؟

عمتي وحديثة الباس للملوك بقيت ؟

وراء الباب مثل القضاء

لقد حصرته في النساء

ولن يطاعك ما شئت، فإنها أيدي الناس

كان الرجال يزأرون ويصرخون بلا كلل

هل تذكر؟ هل تذكر؟

كنا سعداء وراضين

قصص حزينة جداً لأنها قصص نساء

حشد من الحيوات والأزمنة، كنا مجدها

كنا مداراته التي ينام بينها كيانه

أليس هذا عبثا؟

حلم ودورة قياسية؟

إذا كان هذا هو كل ما تبقى، فأين العزاء؟

أحببت عراقي الروحي فيك، أو أحببتك فيه

يا أنت – أنت مصباح روحي – وقد أتى المساء

والليل قد اقترب فليشرق في ظلامه ولن أضيع

لو جئت إلى البلد الغريب، لما اكتمل اللقاء

اللقاء بكم والعراق على يدي… هو اللقاء

شوقٌ يجعل دمي يندفع إليه، وكأن كل دمي هوى

الجوع إليه… مثل كل دماء الغريق المتعطشة للهواء

وشوق الجنين إذا شرب من الظلمة إلى الولادة

أنا معجب كيف يمكن أن يخون الخونة

هل يمكن للإنسان أن يخون وطنه؟

إذا خان معنى الوجود فكيف يكون؟

الشمس في بلدي أجمل من غيرها، والظلام

حتى الظلام – هناك أجمل، فهو يحتضن العراق

يا للأسف متى أنام؟

شعر وكأنه على الوسادة

من ليل صيفك طلع عطرك يا عراق؟

بين القرى الشامخة والمدن الغريبة

لقد أثرت ترابك الحبيب

وحملته، فأنا المسيح أجر صليبه في المنفى.

ثم سمعت وقع أقدام الجياع يمشون وهم ينزفون من العثرة

فتترك في عيني غباراً منك ومن أنفاسها

مازلت أسير على الطرق المتربة ذات الأقدام الأشعث

تحت شمس أجنبية

أغلق، وأبسط السؤال بيد ناعمة

الأصفر من الذل والحمى: ذل السائل الغريب

بين عيون أجنبية

بين الاحتقار والتوبيخ والزرقاء.. أو (الخطيئة)

الموت أهون من الذنب

ومن تلك الشفقة تضغط عليه العيون الأجنبية

قطرات الماء…معدنية

دعها تنطفئ، يا أنت، يا قطرة، يا دم، يا… مال

يا ريحاً ويا إبرة تخيط لي الشراع متى أعود؟

الى العراق ؟ متى أعود؟

يا لروعة الأمواج، المجذاف يتمايل بها

بالخليج ونجومه الكبار يا مال

أتمنى أن لا تقاضي السفن ركابها من صفر

أو لو كانت الأرض كالأفق الواسع بلا بحار

مازلت أحسب المال، أعدك بالمزيد والمزيد.

مازلت أعاني من نقص المال، لكن مازلت أعاني من نقص المال

مازلت أضيء نافذتي وبابي بمتاعك

على الجانب الآخر هناك. لذا تحدث معي، المال

متى سأعود، متى سأعود؟

هل تراه يندب، قبل وفاتي، ذلك اليوم السعيد؟

سأستيقظ في ذلك الصباح، وهناك غيوم في السماء

مكسور، وفي النسيم برودة مشبعة برائحة أغسطس

وأزيل بقايا نومي كالحجاب مع اللص

ومن الحرير يشفي ما لم يتبين وما يتبين

عما نسيته ولا أكاد أنساه، وأشك في اليقين

ويشرق عليّ – وأنا أمد يدي لألبس بعض ثيابي –

ما كنت أبحث عنه في ظلمة روحي عن إجابة

لماذا يملأ الفرح الخفي شعاب روحي كالضباب؟

اليوم – والفرحة الغامرة تغمرني تفاجئني – أعود

للأسف، لن أعود إلى العراق

هل سيعود من يفتقر إلى المال؟

شرح قصيدة غريب على الخليج

بدأ الشاعر قصيدته وهو متعب، وكان هذا التعب ظاهرا حوله. وكانت الريح تلهث من الحر والتعب كأنها كابوس على صدره. ولم تستطع هذه الريح أن تحرك أشرعة السفن، فتعيده إلى بلده. وكانت السفن ترسو على الشاطئ جاهزة لحمل البحارة الذين كانوا دائمًا يعملون بجد لكسب لقمة العيش، بعضهم حفاة وبعضهم نصف خبز. عاريا، ثم يجلس الشاعر حائرا ويوجه نظره نحو الخليج، محطما آماله في العودة إلى العراق. بدأت تنهداته ترتفع من صدره أعلى من أمواج البحر، ومن زئير زبده وضجيجه، خرجت من صدر الشاعر كعلو أمواج البحر، وكغيمة متصاعدة، وكدموع تذرفه العيون، وكما نلاحظ فإن الشاعر يستخدم العراق خالياً من التعريف، لأن العراق في روح الشاعر لم يعد يحتاج إلى تعريف. لقد أصبحت قيمة مطلقة لا يعرفها أحد. يعود الشاعر إلى الريح وهي تصرخ العراق، ويجعل الموت الذي يحمله إلى وطنه يبكي باكياً العراق، ويصف بعده عن وطنه بالشاسع. البحر الذي يمنعه من الانتقال إلى وطنه ويقف عائقًا ليبين لها مدى بعده عن وطنه.

مؤلف قصيدة غريب على الخليج

هو بدر شاكر السياب. هو شاعر عراقي، ولد في قرية جيكور بمحافظة البصرة جنوب العراق. ولد في 25 ديسمبر سنة 1926م. يعتبر من مشاهير الشعراء في الوطن العربي، وأحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي، حيث يمثل شعر بدر أهم الاتجاهات. شعر عصره، وكان له ديوان واسع من التراث الشعري الكلاسيكي، بالإضافة إلى ترجماته مختارات من الشعر العالمي إلى العربية، ومن أهم مجموعاته “أغنية المطر”.

وعندما واجه الشاعر الكثير من المضايقات والأذى، وتم فصله من وظيفته عدة مرات، بسبب انتمائه الحزبي ومعارضته للنظام، اضطر للعمل في مهن بسيطة، ثم هرب إلى خارج العراق. كتب هذه القصيدة في حنين وشوق للعراق عندما كان في الكويت يتلقى العلاج.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً